هذه القصة مشتركة كتبها : محمد عصام عبدالفتاح و عمر سليم
***
لم تكن كندوة عادية أو مناظرة بي اثنين من كبار علماء الأنثروبيولجيا يتصايحون فى عناد من أجل أن يثبت كلاً منهما خطأ الأخر قبل إثبات صحة موقفه .. ولم يكن أيضاً لها طابع مناقشة رسائل الدكتوراه فبرغم حداثة سن (يوسف شريف) إلا أنه لم يكن مستسلماً أو حتى مراعياً لفارق الخبرة الأكاديمية المهول لصالح الأستاذ (مازن عبد الخالق) بل بدا مشاكساً منازعاً عنيداً للغاية.
الندوة التى أقيمت بجامعة (س) فى إحدى الدول العربية تحت رعاية السيد يحيى كشك محافظ أسيوط بدأت فى تمام الثامنة مساءاً بقراءة بضعة أسطر من البيان الشيوعى تلاه كلمة للأستاذ (صديق التونى) الباحث فى أصل الأنواع والذى اضطلع بقيادة تلك المناظرة الساخنة للغاية.
فما بين الداروينة والشيوعية والماركسية والأناركية دارت تلك المناظرة .. خرجت أعن هدفها قليلاً من أجل المزيد من الإيضاح أحياناً .. ومن أجل العناد وتسفيه الأخر فى أحيان أخرى.
أعزاؤنا قراء جريدة (الأسبوع) اليومية كما عودناكم دائماً على تسليط الضوء بمنتهى الحيادية على على كل الأحداث العلمية الهامة .. فإننا نعود هذه المرة وبقوة وننشر لكم النص الكامل لتلك المناظرة.
أعد هذا التقرير وأرسله : مراسلنا هناك (محمود الأناضولى)
الندوة التى أقيمت بجامعة (س) فى إحدى الدول العربية تحت رعاية السيد يحيى كشك محافظ أسيوط بدأت فى تمام الثامنة مساءاً بقراءة بضعة أسطر من البيان الشيوعى تلاه كلمة للأستاذ (صديق التونى) الباحث فى أصل الأنواع والذى اضطلع بقيادة تلك المناظرة الساخنة للغاية.
فما بين الداروينة والشيوعية والماركسية والأناركية دارت تلك المناظرة .. خرجت أعن هدفها قليلاً من أجل المزيد من الإيضاح أحياناً .. ومن أجل العناد وتسفيه الأخر فى أحيان أخرى.
أعزاؤنا قراء جريدة (الأسبوع) اليومية كما عودناكم دائماً على تسليط الضوء بمنتهى الحيادية على على كل الأحداث العلمية الهامة .. فإننا نعود هذه المرة وبقوة وننشر لكم النص الكامل لتلك المناظرة.
أعد هذا التقرير وأرسله : مراسلنا هناك (محمود الأناضولى)
***
- مؤخرا يا سيدى وفقت لقراءة البحث الخاص بتحليل و تجريد إشكالية ضمور الفم الأيسر. و لكى أكون صادقا .. فالبحث عميق للغاية و جد شيق .. لكنه من وجهة نظرى يغفل كثيرا من النقاط فى رسمه لخط سير التطور البيولوجى للإنسان ..فحضرتك أساسا تبنى نظريتك على وجود دور للدين فى البيولوجيا ... و هو أمر جد خطير .. فى الحقيقة .. إنك تعطى للعادات و التقاليد أكثر من حجمها و تقول أن الفم الأيسر ضمر نتاجا للدين بعد أن سادت القيم الدينية المجتمعات أصبح الأباء يربون أبنائهم على استخدام الفم الأيمن فى الأكل و الشرب و الصلاةو الكلام بينما الفم الأيسر كانت وظيفته الوحيدة البصق و السباب.. فقلت وظائفه فضمر!!.. أنت بزعمك هذا تقول أن الصفات المكتسبة تورث !! و هو أمر يتعارض أساسا مع المبدأ الماركسى القائل بمنع قضية التوريث !!
- يا الله
هذا الفسل صارت له وجهة مظر وصار يعدل علي ما أقول
أنا مازن عبد الخالق أستاذ الأنثروبيولوجي الذي لا يستشهد الا بما أقول … قد جاء اليوم الذي اقف فيه أناظر مدعِ مثلك
لكن علي أي حال قل يا علامة عصرك إن لم يكن الدين قد تدخل في سير عملية التطور فبم تفسر مثلاً ضمور الفم الأيسر
أستعيد الأمر للقدر وتهمل استخدام عقلك ?
أم ستقول هراءاً عن نبؤة كتبها هيرب الهيرباوي ذات يوم
أنا مازن عبد الخالق أستاذ الأنثروبيولوجي الذي لا يستشهد الا بما أقول … قد جاء اليوم الذي اقف فيه أناظر مدعِ مثلك
لكن علي أي حال قل يا علامة عصرك إن لم يكن الدين قد تدخل في سير عملية التطور فبم تفسر مثلاً ضمور الفم الأيسر
أستعيد الأمر للقدر وتهمل استخدام عقلك ?
أم ستقول هراءاً عن نبؤة كتبها هيرب الهيرباوي ذات يوم
التوريث لم تسقطه الماركسية بل اسقطته ارادة الشعب في ميدان التحرير
- يالك من متحذلق !
يا سيدى لابد من وضع أساس نبنى عليه .. أنت بنيت نظريتك على أسس واهية .. قضية أن نحلل الوقائع البيولوجية وفقا لشئ خارج عن الطبيعة هو جد هزل !!
المنطلق الذى يجب أن ننطلق منه هو أن التوريث مؤدلا محالة الاستعباد .. و تكديس رؤوس الاموال ... و سيادة طبقة على أخرى .. و هو فى الانثروبولجيا مؤد إلى سيادة نوع على آخر ...
و الانسان (بفطرته التى فطرتها الطبيعة) مدرك لهذه الحقيقة .. و لذا فقد حارب حربا ضروس توريث الصفات و العادات ... و سعى دائما إلى خلق عادات ملائمة لكل عصر !!
المنطلق الذى يجب أن ننطلق منه هو أن التوريث مؤدلا محالة الاستعباد .. و تكديس رؤوس الاموال ... و سيادة طبقة على أخرى .. و هو فى الانثروبولجيا مؤد إلى سيادة نوع على آخر ...
و الانسان (بفطرته التى فطرتها الطبيعة) مدرك لهذه الحقيقة .. و لذا فقد حارب حربا ضروس توريث الصفات و العادات ... و سعى دائما إلى خلق عادات ملائمة لكل عصر !!
أضف إلى ذلك أن إنسان الشيوعية البدائية لم يكن يمتلك فميه (الأيمن و الأيسر) أصلا .. إنما كانا مشاعا لكل السكان
- نعم اتفق معك جداً ولكني اعارضك في كل ما تقول وسأبرهن لك
- هات ما عندك أيها العجوز المتحذلق .. هكذا أنتم دائما .. متمسكون بأفكار واهية
-
- الدين يا صاحبي هو أصل كل شئ فانت كنت سترد الأمور لشئ سواه فأنت تهمل قدرة خارقة تقدر علي تغيير مجري التطور
انظر الي قوم عاد وانظر الي قوم نوح
قوم نوح إنهم نجوا في سفينة وكان فيهم من كل الاجناس والمخلوقات ولهذا صار الانسان انساناً كاملاً
لقد حاز الأفضل من كل جنس عن طريق التكاثر التفاعلي
أليس هذا هو الدين
أليس هذا هو الدين يامن أعمت بصائركم الدنيا وعجزتم عن رؤية الحق
انظر الي قوم عاد وانظر الي قوم نوح
قوم نوح إنهم نجوا في سفينة وكان فيهم من كل الاجناس والمخلوقات ولهذا صار الانسان انساناً كاملاً
لقد حاز الأفضل من كل جنس عن طريق التكاثر التفاعلي
أليس هذا هو الدين
أليس هذا هو الدين يامن أعمت بصائركم الدنيا وعجزتم عن رؤية الحق
- أرى أنك قد حولت النقاش إلى صراع عقدى لا مناظرة علمية !! و على أى .. إعرض نظريتك أمام الحضور و سأعرض .. ثم يحكمون.
- الأمر يا سيدي لا يتعلق بالعناد من أجل لاشئ بل هو من أجل اثبات أن مولانا داروين لم يمت من أجل لاشئ
فقد وقعت تحت يدي بالمصادفة ورقة داروينية نادرة بينما كنت أبحث في كيفية تضخم أثداء الأوز البرازيلي
الورقة كانت تحتوي علي ما سأقوله أمامكم الان مترجم ترجمة حرفية
الورقة كانت تحتوي علي ما سأقوله أمامكم الان مترجم ترجمة حرفية
- لحظة من فضلك ! إنك ترتكب خطأا فادحا يدل على إضمحلال الرؤية ! إن الأوز البرازيلى تضخمت أثداءه نتاجا لتتحر من العبودية للبط البرجوازى الحاكم .. إبان الثورة الأوزية البروليتارية !!
-
الورقة تقول:
- بسم الله وصلاةً وسلاماً علي رسول الله وعلي صحابته الكرام وعلي التابعين البررة
أما بعد فأنا داروين عبد الله الفقير أكتب إليكم الان ولا أعلم أستصل رسالتي إليكم أم لا فأنا تائه في صحراء البرازيل منذ يومين ولا اكل ولا أشرب إلي من لبن ثديي
نعم لا تستنكرون ما أقول حين تقرؤه _لو وصل إليكم_ فالأنسان لديه ثدي قادر علي انتاج اللبن حين تقتضي الضرورة ذلك ولا يكون مفراً من الجوع أبداً
- قرأت فى دورية نشرتها ناشيونال جيوجرافيك أبو ظبى أن
كل من فُقدوا وجدوا في تحليل عظامهم آثار كالسيوم مقوي وهو ما لا يوجد إلا في لبن الرضاعة الطبيعية أو لبن بخيره وهو المر الذى استبعدته الدراسة
أنا تقريباً الوحيد الذي سأنجو من الهلاك فقد حانت بشائر الفرج .. فها هى أصوات همهمات تقترب منى جداً حتى أكاد أميز من بينها أصوات تقول بلغبة غريبة "هذا الغريب .. اقتلوه" .. حمداً لله
ان الوحدة زادتي تأملاً في جسدي الفقير
فشعرت أن الدين الذي أخرجني من الهلكة له دور في تطوري وتطور كل بشري .. بالتأكيد له دور أكبر من طقوس جوفاء
سأنظر الان إلي الأمر عملياً في موضوع فمي الفقير
فمي هذا كان يوماً ما له صلحب يجاوره
لكن تعاليم الدين السماوي قلصت من دور أي عضو أيسر حتي ضمرت تدريجياً
لو عدت من الهلاك إلي مكتبي المكيف في الجامعة فسأكمل بحثي عن موضوع السرة اليسري و كيف يولد التوائم
الله أعلم هل ما أقوله الآن علمى .. أم أننى تحت تاثير الجوع بدأت أهلفط فى الكلام
أما الان فأنا مجهد جداً وسأرضع قليلاً من لبني ثم أخلد للنوم
و الحمد لله
(تصفيق حاد فى صفوف الحضور و بكاء .. ثم يقف أحدهم قائلا "أشهد أن لا إله إلا الله" )
نظر يوسف إلى الدكتور مازن بسخرية ثم قال : الآن آن آنى لأبين وجهة نظرى
إنه فى أثناء الشيوعية البدائية .. كانت الأفواه مشاعا لا يملكها أحد .. و عند إكتشاف الزراعة و بدء خلق الملكية الخاصة و نشوء الطبقات نتاجا لوجود فائض من المحصول يمكن تخزينه .. و نشوء ما يمكن أن نسميه بجهاز بدائى للدولة .. قامت تلك الدولة بتكميم الأفواه و محاصرتها ثم إدعت أنها ملكها لا ملك حامليها .. قامت ثورة عنيفة جرارة تطالب بحق ملكية كل فرد لفييه (الأيمن و الأيسر) ..و بعد سقوط عدد من الشهداء .. تمت التسوية .. بأن يكون الفم الأيمن ملكا للفرد و الأيسر ملكا لجهاز الدولة .. و تعرف هذه الثورة بالثورة الماوثوماركسية .. و قد كان الجبرتى أول من أشار إليها فى كتابه (The Mouthomarxist Revolution) و بمرور الوقت .. أضحت السلطة تتركز فى أيدى قلة من الإقطاعيين .. و بالتالى حق ملكية الأفواه اليسرى.. و كانت تخرج بين الحين و الآخر ثورة مطالبة بحق امتلاك الفمين .. و غالبا ما كانت تخمد تلك الثورات بانتزاع الفمين !! و بمرور الوقت و تركز الأفواه اليسرىفى أيدى الإقطاعيين .. بدأت تقل عدد الأفواه .. فكثير منها بات غير ذى قيمة !
و لما قامت الثورة الصناعية و سقط الإقطاع .. ضمر الفم الأيسر بالكامل !! فاتحا المجال لسيطرة الفم الأيمن الرأسمالى ! و لا ننسى أن شعار الثورة الصناعية كان (أفواهنا حق مش منحة يا ولاد الوسخة) (المصدر : بحث عن الثورة الصناعية أجراه الإمام الشهيد عمرو مصطفى)
يقول الإمام العلامة الحبر الفهامة كارل بن هينريتش ماركس فى كتابه "المسألة الشرعية فى الرد على الخطايا الأنثروبولجية" فى فصل بعنوان "الجواب الميسر لمن سأل عن إشكالية ضمور الفم الأيسر" - يقول : فى الإنتاج المادى الذى يزاوله الناس , نراهم يقيمون علاقات لا غنى عنها .. مستقلة عن إرادتهم .. و من هذه العلاقات علاقة الآلة المنتجة و أسلوب الإنتاج برمته بالفم. (...) فلما كانت الشيوعية البدائية كان من الممكن الإعتماد على فمين أو أكثر .. إذ لم تكن الأفواه ملكية خاصة .. و فى المنظومة الإقطاعية تناقصت وظائف الفم الأيسر نتاجا لسيطرة القوى الظلامية الرجعية القاهرة .. و بهذا أصبح الفم الأيسر مهيأا لتلقى الضربة القاضية التى وجهتها له الثورة الصناعية على يد (طلعت حرب) .. فضمر نتاجا لأسلوب الإنتاج المتغير ... إن أسلوب الإنتاج هو الذى يحدد عدد الأفواه و ليس العكس !! "
أطرق السيد مازن لهنيهة ظن فيها يوسف أنه حججه بجته.. إلا أنه ما لبث أن قال : يوسف .. الحق يقال لقد أعجبنى للغاية أسلوبك المنسق فى الحديث .. و تراتبية أفكارك .. و سأختم رأيى بقول واحد هو الأيام بيننا .. فوفقا لنظريتى العلمية (نظرية التأثير البنيوى للدين على الأنثروبولجيا) و التى أسميتها النظرية المازنية .. سيعود الفم الأيسر للإنسان بمجرد تحرر البشرية من وهم الآلهة .. أى عندما تدرك أن الحقيقة هنا ولا شئ متجاوز للمادة .. و تلحد البشرية جمعاء .. حينها يعود الفم الأيسر
فرد يوسف بصوت بدا فيه شيئا من الظفر : و وفقا لنظرية الإمام العلامة كارل بن هينريتش ماركس القائلة بترتب الأنثروبولجيا و سائر العلاقات الإنسانية على الإنتاج المادى و التى طورتها أنا و أعطيتها إسم النظرية الماركسوشريفية .. فإن البشرية سيضمر فمها الأيمن بمجرد السقوط العاجل للمنظومة الرأسمالية .. فحينها يغيب المركز من البنية مع صعود الأناركية.. فتصبح اللغة عديمة القيمة .. فيضمر الفم الأيمن
(تصفيق حاد فى صفوف الحضور)
ثم تصافحا واقفين أمام العدسات التى تكالب حاملوها على تصوير العالم .. و المهرطق !
فرد يوسف بصوت بدا فيه شيئا من الظفر : و وفقا لنظرية الإمام العلامة كارل بن هينريتش ماركس القائلة بترتب الأنثروبولجيا و سائر العلاقات الإنسانية على الإنتاج المادى و التى طورتها أنا و أعطيتها إسم النظرية الماركسوشريفية .. فإن البشرية سيضمر فمها الأيمن بمجرد السقوط العاجل للمنظومة الرأسمالية .. فحينها يغيب المركز من البنية مع صعود الأناركية.. فتصبح اللغة عديمة القيمة .. فيضمر الفم الأيمن
(تصفيق حاد فى صفوف الحضور)
ثم تصافحا واقفين أمام العدسات التى تكالب حاملوها على تصوير العالم .. و المهرطق !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق