الأحد، 22 يوليو 2012

العدالة الإجتماعية

مقال مشترك  بين عمر سليم و صلاح سامح 

مع بدء الموجة الأولى من الثورة المصرية فى يناير 2011 إرتفعت الأصوات المنادية بحق "العدالة الإجتماعية" جنبا الى جنب مع حق "الحرية" و "الكرامة الإنسانية" , تلك الحقوق الراسخة الثابتة لكل البشر , تلك الحقوق التى سلبها الطغاه , أو أوهمونا بأن تلك الحقوق الراسخة منح يمنحوننا إياها وقتما يشاؤون و يمنعوها عنّا وقتما يحلو لهم. العدالة الإجتماعية تعد هى المطلب الأهم و الأكثر إلحاحا من مطالب الثورة المصرية , و ذلك نظرا لسياسات نظام مبارك و حاشيته الرأسمالية الإحتكارية  التى إقتادت أكثر من 40% من الشعب المصرى الى المكوث تحت خط الفقر , فى حين تتركز السلطة و الثروة فى أيدى حفنة قليلة  من رجال الأعمال و كبار رجال الدولة , و إقتصرت الحقوق فى العلاج الآدمى  و المسكن الجيد و التعليم الراقى على الأقلية  , فى حين تقبع الأغلبية فى براثن الجوع و الفقر و البطالة فى إنتظار المصير المدجج بالموت , الموت الذى هو مهربهم الوحيد من بؤس الحياة , لتلك الأسباب كلها ؛ كان تحقيق العدالة الإجتماعية المطلب الأهم للجماهير خلال ثورة يناير.


العدالة الإجتماعية يمكن تعريفها بأنها نظام إقتصادى يهدف الى إزالة الفوارق الطبقية الشاهقة , و تحقيق فرص متكافئة و ظروف حياة متشابهة لجميع المواطنين , و إقامة المجتمع على أسس المساواة و التضامن الإجتماعى , العدالة الإجتماعية هى البناء الأخلاقى و السياسات الرامية الى المساواة فى الحقوق و هى فى الأساس إتجاه نحو مجتمع أكثر عدلا , تسليما بأن هناك دائما ظلم , يمكن تصنيفها كاليوتوبيا أو كخطوة فى مسيرة أكثر واقعية من اليوتوبيا.



و قد تختلف الرؤى حول مفهوم العدالة الإجتماعية و كيفية تحقيقها إختلافا كبيرا بين ألوان الطيف السياسى , فيمكن تعريف العدالة الإجتماعية من وجهة النظر الليبرالية على أنها تحقيق تكافؤ الفرص و سيادة القانون فى ظل سياسة الإنفتاح و حرية السوق , و يدعون حماية النشاط الإقتصادى من الهيمنة و الإحتكار عن طريق تدخل الدولة فيه , و يؤكدون على أن حرية إنفتاح السوق للاستثمار فى ظل وجود الدولة كمشارك هو الطريق نحو تحقيق العدالة فى التوزيع.
أما العدالة الإجتماعية من المنظور الإسلامى , أو كما يراها المفكرون الإسلاميون فتقوم على ركائز ثلاث , هذه الركائز هي التحرر الوجداني المطلق و المساواة الإنسانية الكاملة و التكافل الاجتماعي الوثيق حيث أن كل عنصر مبني على الآخر. و يعني بالتحرر الوجداني هو التحرر النفسي من الخضوع و عبادة الله فقط فلقد وضع الله من القوانين و التشريعات ما يضمن للإنسان احتياجاته الأساسية و بالتالي يساعده على تحقيق التحرر الوجداني الكامل و من أهم هذه القوانيين هو وضع مبدأ المساواة كمبدأ أساسي من مباديء الإسلام , و الكرامة مكفولة لكل إنسان و الفرق بين الناس عند الله هي درجة تقواهم و ليس جنسهم أو لونهم أما القانون الثاني الذي وضعه الإسلام لضمان التحرر الوجداني الحقيقي فهو التكافل الاجتماعي. والتكافل الإجتماعى يقصد به إلتزام الأفراد بعضهم نحو بعض؛ فكل فرد عليه واجب رعاية المجتمع و مصالحه. و ليس المقصود بالتكافل الاجتماعي في الإسلام مجرد التعاطف المعنوى من شعور الحب و المودة، بل يتضمن العمل الفعلي الإيجابي الذي يصل إلى حد المساعدة المادية للمحتاج و تأمين حاجته بما يحقق له حد الكفاية. و ذلك يكون عن طريق دفع الزكاة، فإن لم تكفي فيؤخذ من الأغنياء ما يكفي للفقراء , كما يرون أن تطبيق الحدود كحد السرقة سيساعد على تحقيق العدالة الإجتماعية.

إن تحقيق العدالة الإجتماعية لا يمكن أن يحدث بتعديلات فى الدساتير و القوانين , ولن تكفى إجرائات مثل وضع الحد الأدنى و الحد الأقصى للأجور و فرض الضرائب التصاعدية فقط , و إنما لن يحدث هذا الى بثورة إجتماعية حقيقية و ملكية جماعية لوسائل الإنتاج و توزيع عادل للثروة.

هناك 7 تعليقات:

  1. المقالة عجباني جداً ووضحت لي بعض الأفكار اللي مكنتش فاهماها :) شكراً جداً لجعلي علي قراءة هذه المقالة

    ردحذف
  2. اول مقطع استفدت منه الجملة دي "أوهمونا بأن تلك الحقوق الراسخة منح يمنحوننا إياها وقتما يشاؤون و يمنعوها عنّا وقتما يحلو لهم" دي العمود الفقاري للمقطع وسبب اساسي لتنوع التيارات السياسية حسب فهم الجملة او تحققها

    ردحذف
  3. المقطع التالت انت عرّفت العدالة الاجتماعية من كذا اتجاه..مع انك معرفها في المقطع التاني بس بدون تحديد التيار الاساسي اللي مبني عليه التعريف ده..وده هيعمل مشكلة لو نقدنا المقال من منطلق الحياد والموضوعية

    ردحذف
  4. حلوة ركائز الاسلام.. وصف راقي..بس جه في بالي فكرة صبيانية شوية لو استعرت جملة من المقال واعدت صياغتها -بعد اذنكما- وتبقى " العدالة الإجتماعية من المنظور الاشتراكي , فتقوم على ركائز ثلاث , هذه الركائز هي التحرر الوجداني المطلق و المساواة الإنسانية الكاملة و التكافل الاجتماعي الوثيق حيث أن كل عنصر مبني على الآخر" ..هتبقى منطقية ولا لا ينطبق على الاشتراكية؟؟

    ردحذف
  5. معلش طولت عليكم..بقية المقال كويس بس دي اخر نقطة.. تحقق فرض الزكاة زي ربنا مابيقول مش زي ماالدول الاسلامية بتتصرف حاليا..هتكفي المجتمع وتزيد ده اكيد..فرضا لو لم تكفي مافيش نص او قانون شرعي يلزم الغني بالتنازل عن كل او جزء من ثروته طول مااصولها حلال شرعا ليس لمجتمع المسلمين عليه حق سوى الزكاة..ولكن اعتقد انه ممكن يُنصح بأداء صدقات بعد ايفاؤه سلفا بالزكاة المقررة ..وهذا كان تعليقي حسب فهمي القاصر

    ردحذف
  6. المقال كويس ، بس يجب ذكر القوى اللى بتمثل التيار الإسلامى حاليا من وجهة نظر تحليلنا الطبقى و إزاى ان هما رأسماليين و كنتيجة فالمبادئ دى وهم للسيطرة على وعى الجماهير ، و حاجة تانية برده : المدارس الإسلامية اختلفت فى القرن اللى فات ده و أعتقد انه يجب ذكرها و ذكر الفروق الواضحة و المتناقضة فى التيار الواحد ده
    عاش يا كومراد :)

    ردحذف