تصاعدت فى الأونة الأخيرة نبرة غريبة من الحديث حول الحريات العامة , حيث شرع البعض فى إعتبار حرية الصحافة و حرية الإبداع نوع من المنحة التى يمن بها الحاكم على الشعب , فطفقوا يطالبون رئيس الجمهورية المنتخب حديثا بعدم المساس بحريتى الصحافة و الإبداع , و كأنه يحق له من الأساس أن يمنع الكاتب عن التعبير عما فى لبه , أو أن يمنع المبدع عن تقديم إبداعه , هذه حقوق إنتزعناها و ليس بمقدور أى حاكم أن يسلبها أو يفكر بالإقتراب منها , ليس لأن السلطة ضعيفة و غير قادرة , فقد مارست ذلك مدة طويلة , و لكن لأن ذلك لم يعد مسموحا به.
ولكن تقييد الحريات يمكن تقنينه من خلال وضعه فى إطار الدستور و التشريعات , فيصبح منع الحريات أمرا شرعيا يحميه الدستور و القانون , فقد رأينا كيف عرضت لجنة الحقوق و الحريات العامة و الواجبات بتأسيسية الدستور إقتراحا للمادة المتعلقة بالأديان و الحريات الدينية ينص على " حرية العقيدة مطلقة , و تكفل الدولة حرية إقامة إقامة الشعائر الدينية لأصحاب الديانات السماوية " و هو نص يخالف إلتزامات مصر الدولية فيما يتعلق بحرية الدين و المعتقد المنصوص عليها فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان و العهد الدولى للحقوق المدنية و السياسية (مادة 18) و نصها كالآتى " لكل الشخص الحق فى حرية التفكير و الضمير و الدين , و يشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته , و حرية الإعراب عنهما بالتعليم و الممارسة و إقامة الشعائر و مراعاتها سواء أكان ذلك سرا أم مع جماعة" كما يتعارض مقترح لجنة الحقوق و الحريات بالجمعية التأسيسية مع الميثاق الإفريقى لحقوق الإنسان (مادة 8) و التى تنص على " حرية العقيدة و ممارسة الشعائر الدينية مكفولة و لا يجوز تعريض أحد لإجراءات تقيد ممارسة هذه الحريات مع مراعاة القانون و النظام العام " .كما يتعارض أيضا مع إلتزامات مصر الدولية أمام المجلس الدولى لحقوق الإنسان. فكون نص المادة المقترحة من لجنة الحريات تكفل حرية ممارسة الشعائر الدينية و إقامة دور العبادة لأصحاب الديانات السماوية فقط , يكبل حرية أصحاب الديانات الأخرى فى ممارسة شعائرهم الدينية. و هذا الموقف مثال واضح على تقنين الإضطهاد و تقييد الحريات العامة.
ثم يظهر على الساحة مجددا بعض العنصريين الذين يرون أن أصحاب الديانات الأخرى من أمثال البهائيين , لا يحق لهم أن تذكر دياناتهم الحقيقية فى وثائق إثبات الهوية مثل البطاقات الشخصية أو جوازات السفر. و هذا لأنهم أصحاب ديانات غير سماوية و لا يجب الإعتراف بهم كمواطنين , أو يمكن تصنيفهم كمواطنين منقوصى الأهلية. وهذا يتعارض مع أحقية كل إنسان فى الإعتراف بشخصيته القانونية أينما وجد.
نوع آخر من تقييد الحريات هو منع بعض ضباط الشرطة الذين يرغبون فى إطلاق لحاهم من تحقيق ما يريدون , بدعوى أن إطلاق اللحية يعبر عن إتجاه سياسى معين , و لكن الذى يدحض هذا المنطق , أن اللحية لا ترتبط بأى إتجاه سياسى , كما أن صاحب أى رؤية أو أى معتقد لن يغير معتقده و لن يتخلى عن رؤيته بمجرد إزالة الشعر الكث الذى يجثم على ذقنه. فالمظهر لن يغير فى الأفكار شيئا , و لكن الأفكار هى التى قد تغير فى المظهر. فلكل فرد الحق فى إعتناق الآراء دون أى تدخل و الظهور بالمظهر الذى يريد.
ختاما , حتى و إن لجأت السلطات المستبدة الى تقنين تقييد الحريات عن طريق وضع هذا التقييد فى إطار دستورى قانونى , فإن الحرية ستظل فوق القانون.
حلوة اوي يا عمر ..... بس كمسمى الحرية فوق القانون ... مش المفروض القانن دا يتحط حشان يحمي الحريات يبقى من الاول تتحط الحريات في القانون انما لو بعد ما وضع قانون ودستور غلط-- مقدرش اقولك انك لو خالفته تبقى حر ... لازم يكون في ضوابط .. بس طبعا مش معناه اننا نسكت على قانون يضطهد الحريات احنا نغيره ... عشان قانونا ميبقاش مخترق وبايظ وملهوش لازمة -ده الواقع-
ردحذفطب حيث انك انت اللي طلبت رأيي بقى أنا كان ليا ملاحظة كده: حاول ماتقعش في فكرة النمطية، خلي مقالك يجاوب عن سؤال ملح، حتى المواضيع البديهية فيها أسئلة بحاجة لإجابة.
ردحذفإلى الأمام يا رفيق يا صغير :)