أيام قليلة و يتم فتح باب الترشح للإنتخابات الرئاسية التى تعد مرحلة أقوى و أعمق من مراحل اجهاض الثورة, تلك المراحل التى تمت خلال فترة زمانية أطلقوا عليها اسم ((المرحلة الانتقالية)) و الهدف الأساسى لتلك المرحلة كان اضفاء نوع من القدسية على ديكتاتورية السلطة المصرية بأن يتم إقتسام السلطة بين المجلس العسكرى و التيارات التى تسمى نفسها بالاسلامية.
و لكننا أيضا مسئولون عما وصلنا اليه بعبثيتنا و عدم التحليل الواقعى للمشهد و بالتالى عدم طرح حلول جذرية للمشكلات, فاستخدام نفس العقلية التى أنتجت المشكلة فى حلها لا يؤدى إلا الى مزيد من العبث و لا يزيد المشهد إلا ضبابية..نعم نحن نعبث, نعلن عن مسيرات و مظاهرات حاشدة فتخرج الجماهير للمشاركة بها ثم تعود من حيث اتت اذ تجدها خاوية المعنى, نعم نحن نعبث فحكما عسكريا متمرسا منذ عقود لن يسقطه مظاهرات ولا اضرابات و لا حتى عصيان مدنى. و اولئك النشطاء أيضا يعبثون اذ تجدهم على الشاشات يدعون الجماهير الى النزول الى الشوارع دون أن يطرحوا عليهم برنامج واضح, ثم تجدهم يدلون بأصواتهم فى انتخابات هزلية من صنع العسكر.
و رفاق الأمس الذين حولوا أنفسهم بحذلقتهم الى أعداء اليوم, اولئك الرفاق الذين كانوا معنا فى الانتفاضة الأولى للثورة و سعوا مع الجماهير العازمة الى تقويد النظام نجدهم فجأة قد تحالفوا مع هذا النظام و دعموه لأنهم رأوا أن الثورة يجب أن تتوقف عند هذا الحد و ألا تتحول الى ثورة اجتماعية شاملة تعصف بالنظام الاجتماعى القائم, لذا فكان موقفهم أن الثورة يجب أن تتوقف فورا و لا تتخطى حدود ما وصلت اليه فقد نالوا مطامعهم لذا فهم لا يمانعون أن تسقط الثورة.
فيما تواصل السلطة العسكرية عبثها الذى أنتجته خلال الفترة المشار اليها أعلاه و تتوّجه بإعلانها عن وضع دستور للبلاد خلال 6 أسابيع و هو ما يؤكد شكوكى حول هذا الأمر بأن الدستور الذى يريده العسكر للحفاظ على مواقعهم و على مصالح البرجوازية المصرية موضوع و جاهز و كل ما سيحدث فى الفترة المقبلة مجرد اقراره.
و الانتخابات الرئاسية فى ظل هذا الوضع الملتبس لن تسفر الا عن رئيس يكون واجهة مدنية لاستبداد الفاشية العسكرية التى بدورها تحمى مصالح البرجوازية المصرية, و لنا عبرة فى جارتنا اليمن التى تمت فيها مؤخرة انتخابات رئاسية تحت حكم صالح و تم تسليم السلطة الى نائبهو كأننا أمام مشهد مكرر لما حدث ابان الثورة اليونانية..أفلا تعقلون.
إما أن تعلن القوى الثورية الآن و فورا عن مقاطعة مسرحية الانتخابات الرئاسية و أن تناضل من أجل تشكيل جبهة ثورية تناضل بصورة فاعلة فى الأحياء و المصانع و القرى و النقابات و الجامعات و المدارس من أجل استمرار الثورة فى الشارع, و أن تلتحم تلك الجبهة بالطبقة العاملة و تعمل على تطوير احتجاجاتها و اعطائها بعد سياسى لكى تتمكن من الاطاحة بتحالف رأس المال بين الفاشية العسكرية و تجار الدين. و اما أن تنتهى الثورة عقب الانتخابات و تتحول الى معارضة سياسية.
((كل المفروض مرفوض...اثبت للعالم انك موجود))